لقد صدق من قال: "إنّ الإنسان بدأ حياته على الأرض وهو يحاول أن يحمي نفسه من غوائل الطبيعة، وانتهى به الأمر بعد آلاف السنين وهو يحاول أن يحمي الطبيعة من نفسه!".
فعلاً فإن الإنسان له دور كبير في تلوث البيئة والذي يعد من أخطر المشاكل التي تهدد البشر والكائنات الحية من حيوان ونبات
ويشمل تلوث البيئة كلاً من البر والبحر وطبقة الهواء التي فوقها، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم/ 41).
الفساد البيئي:
الفساد البيئي هو أحد مظاهر الفساد في الأرض وقد يكون أول ما يأتي على ذهن القارئ لهذه الآية الكريمة وقد حثنا الإسلام على عدم الإفساد في الأرض والإصلاح فيها ،وللأسف الشديد كثرت أنواع التلوث البيئي واختلفت وأصبح منها المرئي وغير المرئي، ونظراً لأهميته وخطورته الشديدة سنتحدث عن هذا الموضوع بإستفاضة.
لا شك أنّ التلوث البيئي قد أصبح من أخطر المشاكل الصحية، إذ تشير الإحصائيات العالمية إلى ازدياد مطرد في نسبة الإصابة بالسرطان نتيجة التوسع في دائرة استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية، ومكسبات الطعم واللون، بالإضافة إلى سوء تخزين المواد الغذائية، وخاصة الحبوب، والذي ينتج عنه بعض السموم الفطرية، ويصطلح على تسمية هذه السموم بالمسببات السرطانية.
أخطر أنواع التلوث البيئي:
- التلوث المائي:
أسبابه:
يحدث تلوث الماء نتيجة لإلقاء الإنسان للمخلفات في المياه، فمن أكثر المصادر التي تتسبب في تلويث مياه المجاري المائية هي مخلفات المصانع السائلة الناتجة من الصناعات المختلفة. ويعتبر النفط الملوث الأساسي للبيئة البحرية نتيجة لعمليات التنقيب واستخراج النفط والغاز الطبيعي في المناطق البحرية أو المحاذية لها، كما أن حوادث ناقلات النفط العملاقة قد تؤدي إلى تلوث الغلاف المائي.
- تلوث المياه العذبة وآثاره:
لم يتم الإهتمام كثيراً بمصادر المياه العذبة فتدهورت نتيجة مخلفات المصانع غير المعالجة والمبيدات الحشرية حتى أن المياه الجوفية في بعض الأماكن يتسرب إليها المعادن مثل الحديد والمنجنيز، ولتلوث المياه العذبة التي تعتبر هي مصدر الحياة بالنسبة لكل الكائنات الحية وليس فقط الإنسان آثار خطيرة ومنها :
- إصابة الإنسان بالأمراض المعوية التي تدمر صحته مثل: الكوليرا-التيفود-الدوسنتاريا بأنواعها-الإلتهاب الكبدي الوبائي-الملاريا-البلهارسيا.
- ولا يقتصر ضرره على الإنسان والنبات الذي هو مصدر من مصادر غذاءه ،وإنما يمتد ليشمل الحياة في مياه الأنهار والبحيرات، حيث ان الأسمدة ومخلفات الزراعة في مياه الصرف تساعد على نمو الطحالب وغيرها، كما أنها تساعد على تكاثر الحشرات مثل البعوض والقواقع التي تسبب مرض البلهارسيا على سبيل المثال.
- تلوث البيئة البحرية: مما يؤدي إلى موت بعض الكائنات البحرية وانقراضها وأيضاً قلة التنوع البيولوجي مما يؤثر على التوازن البيئي
- التلوث الهوائي:
أسبابه:
يحدث التلوث الهوائي عندما تتواجد جزيئات في الهواء وبكميات كبيرة، عضوية أو غير عضوية، وتشكل ضرراً على العناصر البيئية. ويحدث تلوث الهواء بوجود الأتربة والعواصف والأعاصير، أو نتيجة الفعل البشري عن طريق الإشعاعات والوسائل التكنولوجية المؤثرة على الطبيعة، أو عوادم السيارات وغيرها من المصادر الصناعية الملوثة للهواء.
يعد هذا النوع من التلوث البيئي الأكثر انتشارا بسبب سهولة انتقاله في فترات وجيزة
مخاطر تلوث الهواء:
يؤثر على الإنسان والحيوان والنبات بصورة مباشرة ويؤدي لمشكلات صحية وبيئية واقتصادية كبيرة
وأيضاً يؤدي إلى ظاهرة الإحتباس الحراري بسبب زيادة تركيز بعض الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون حيث تؤدي هذا الظاهرة مع زيادة درجة حرارة الأرض إلي تغيرات طبيعية ومناخية قد تمثل خطراً على الكون وليس فقط على الإنسان.
- تلوث التربة:
إنّ التربة التي تعتبر مصدراً للخير والثمار، من أكثر العناصر التي يسيء الإنسان استخدامها في هذه البيئة؛ فهو قاسٍ عليها، لا يدرك مدى أهميتها رغم أنها مصدر الغذاء الأساسي له ولعائلته. وتتلوث التربة نتيجة استعمال الأسمدة والمبيدات وإلقاء الفضلات الصناعية، وينعكس ذلك على الكائنات الحية في التربة وخصوبتها، مما ينعكس أثره على النبات والحيوان والإنسان. ومن أهم النتائج المترتبة على تلوث التربة: التلوث الغذائي.
بعض وسائل معالجة التلوث:
- التقليل من الغازات والجسيمات الصادرة من مداخن المصانع كمخلفات كيميائية، بإيجاد طرق إنتاج محكمة الغلق.
- البحث عن مصدر بديل للطاقة لا يستخدم فيه وقود حاوٍ لكميات كبيرة من الرصاص أو الكبريت، وربما يعتبر الغاز الطبيعي أقل مصادر الطاقة الحرارية تلوثاً.
- الاستمرار في برنامج التشجير الواسع النطاق حول المدن الكبرى.
- عدم إلقاء مياه المجاري الصحية في المسطحات البحرية قبل معالجتها.
- معالجة مياه الصرف الصحي بإنشاء محطات حديثة لتخليصها من التلوث، وتصفيتها لإعادة استخدامها في الزراعة.
- مراقبة تلوث ماء البحر بصورة منتظمة، وخاصة القريبة من مصبات التفريغ من المصانع.
- الترشيد في استخدام المبيدات الحشرية ومحاولة استحداث مبيدات غير ضارة وملوثة للبيئة
بقلم / سعيد محمود
المراجع:
تعليقات
إرسال تعليق
add_commentإرسال تعليق